الرابط: اراء حرة
بقلم : سليم السراي
تصاعدت حدة التوتر مجددا في منطقة الشرق الأوسط , وهذه المرة بين تركيا وإسرائيل , بعد حادثة إطلاق النار على أسطول الحرية والذي انطلق من الشواطئ التركية قاصدا إقليم غزة المحاصر من قبل إسرائيل , مما أدى إلى استشهاد عدد من مواطني الشعب التركي على ظهر احدى السفن, وكان هدف القافلة هو فك الحصار الذي فرضته إسرائيل على أبناء قطاع غزة .
ووفقا لردود الفعل المتوترة التي أبدتها أنقرة وهي تشيع أبناءها إلى مثواهم الأخير , فإنها تقف اليوم في الصفوف المتقدمة في مواجهة إسرائيل داخل المحيط الإسلامي والعربي , من دون أي إشارة تأييد للموقف التركي أو موقف وفاء تجاه الدماء التي راحت ضحية قضية عربية , وكما يعبر الشاعر بقوله ( عبيد للأجانب هم ولكن ) فان اجتماع وزراء خارجية العرب الذي عقد في ألجامعه العربية خرج بأتفاق آراء المجتمعين في ضرورة إرسال مواد إغاثة و بناء وأغذية دعما للمحاصرين ! من أبناء جلدتهم في قطاع غزة , وأشار البيان أيضا إلى عدم الاعتراف بحصار إسرائيل لإقليم غزة الفلسطيني , ودعا البيان إلى ضرورة العمل لإنهاء الحصار وبكل السبل المتاحة .
إن بيان اجتماع وزراء العرب في الجامعة العربية لا يرتقي معنويا إلى الموقف الذي وقفته تركيا إزاء قضية لا تمت إليها إلا برابطة الإسلام , ومع ذلك فان هذا الموقف ليس غريبا على الجامعة العربية , والذي يفسر انه موقف متخاذل لم يتحمل المسؤولية الدينية والتاريخية , موقف أنتفض منتصرا لقادة الـ " غوغو " ضد فتية الـ " كارين ايه " , فان البيان لم يتضمن أي إشارة إلى تنديد بعملية القرصنة التي قامت بها القوات الإسرائيلية , إذا ما أخذنا موقف نيكاراغوا والذي تمثل بإدانة كاملة لعملية القرصنة وقطع علاقاتها مع إسرائيل , في حين الدول العربية حافظت على العلاقة ولم تصدر أي ردود غاضبة من قبل المسؤولين , سوى مظاهرات شعبية لا تملآ قبضة يد بترت أصابعها أو تسد سواد عين .
بيان الجامعة العربية لم ينصف أبدا دماء الشهداء وعيون الامهات التي ما زالت الدموع تغرقها كلما مرت سحابة طيف الأبناء الطرية , كما زهد البيان بالزعيم التركي المحبوب السيد أوردغان ، بسبب مواقفه الإيجابية تجاه القضية الفلسطينية التي تجري بما لا تشتهي السفن !, ويعيد موقف سيد الأناضول الإسلامي الجديد إلى الأذهان ؛ الموقف المشرف الذي وقفه جده سيف السلطان عبد الحميد الذي رفض بيع فلسطين لليهود وطرده زعماء اليهود من مجلسه , وأرسل السلطان حينئذ رسالة إلى هرتزل يقول فيها " أنا لن أبيع ولو شبر واحد من الأرض، لأن هذا الوطن ليس ملكاً لي بل هو ملك لأمتي، لقد حصلت أمتي على هذا الوطن بدمائها، وقبل أن يؤخذ منَّا هذا الوطن ويذهب بعيداً، سوف نغرقه بدمائنا مرة ثانية " وكان ثمن هذا الموقف الشجاع خسارة السلطان عرشه , بالرغم من الإغراءات التي قدمت من قبيل تقديم أموال طائلة لخزينة الدولة العثمانية , التي كانت بحاجة إليها , إضافة إلى تقديم هدية مالية مغرية للسلطان . ومقابل هذه الحقائق التاريخية تأتي باحثة عربية وتتهم السلطان بتسهيل الأمر لليهود من أجل غزو فلسطين .
لقد تمادت مواقف بعض الدول العربية خلال دعوتها بالتمسك بمشروع عملية السلام , وذكرت إنها " لم ولن توافق على الانسحاب من مبادرة السلام العربية " , وإن السبب من وراء ذلك هو المحافظة على التضامن العربي ووحدة الكلمة والصف ! علما إن المبادرة العربية للسلام والتي أعلن عنها قبل ثماني سنوات في بيروت , كانت تضمن إنشاء دولة فلسطينية وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة ومقابل ذلك اعتراف الدول العربية بقيام دولة إسرائيل مع إمكانية تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية .
فهل تنجب أمة العرب أوردغانا عربيا واحدا ؟ .
منقو
